• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

وفاء السموأل بن عاديا مع امرئ القيس "طرائف القصص ولطائف العبر"

محمد فريد فرج فراج

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/4/2018 ميلادي - 21/7/1439 هجري

الزيارات: 77259

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وفاء السموأل بن عاديا مع امرئ القيس

"طَرَائِفُ الْقَصَصِ وَلَطَائِفُ الْعِبَرِ"

 

"العدل" من أهم الصفات الإلهية التي وصف نفسه بها سبحانه وتعالى، وأمر بها الخلق، ومن أمارات العدل الشهود بحسنات أعدائنا وإن ظلمونا وجاروا علينا وحاربونا في ديننا.

 

ومن بطونِ التُّرَاثِ العربي الهائل استوقفتني هذه القصة فائقة الروعة في الوفاء، فأحببت أن أتدارسها مع إخواني في الله عز وجل، ولم يمنعني من مدارستها أنها تشير إلى فضل رجل من اليهود الذين ذاق المسلمون منهم الأمرين غدرًا وخيانة قديمًا وحديثًا، وإن لم يكن منهم إلا قتل نبينا صلى الله عليه وسلم لكفانا ذلك عداءً لهم، فكيف وقد سبوا الله عز وجل؟!

 

ومع كل هذا الكفر والحرب لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم من اليهود فأستعين بالله على دراسة هذه القصة التي نقلها إلينا المؤرخون العرب.

"لما أراد امْرُؤُ القيس بن حجر الكندي المضيَّ إلى قيصر ملك الروم أودع عند السموأل بن عاديا اليهودي دروعًا وسلاحًا وأمتعةً تساوي من المال جملةً كثيرةً جدًا!

ثم سار ومعه عمرو بن قميئة، أحد بنى قيس بن ثعلبة، وكان من خدم أبيه، فبكى ابن قميئة.

وقال له: غرّرت بنا.

 

فأنشأ امرؤ القيس يقول:

بَكى صَاحِبي لَمَّا رأى الدَّرْبَ دُونه
وأيقنَ أنا لاحِقَانِ بقَيْصَرَا
فَقُلتُ لَهُ: لا تَبْكِ عَيْنُكَ إنّمَا
نحاوِلُ مُلْكًا أوْ نموتَ فَنُعْذَرَا
وَإني زَعِيمٌ إنْ رَجَعْتُ مُمَلَّكاً
بسَيْرٍ تَرَى مِنْهُ الفُرَانِقَ أزْوَرَا
عَلى لاحِبٍ لا يَهتَدِي بِمَنَارهِ
إذا سافَهُ العَوْدُ النُّبَاطيُّ جَرْجَرَا

 

وصار امرؤ القيس إلى ملك الروم، فأكرمه ونادمه، واستمدّه فوعده ذلك، وفى هذه القصّة يقول:

وَنَادَمتُ قَيْصَرَ في مُلْكِهِ
فأوْجَهَني وَرَكِبْتُ البَرِيدَا
إذا ما ازْدَحَمْنَا على سِكَّةٍ
سَبَقْتُ الفُرَانِقَ سَبْقاً شَديدَا

ثم بعث معه جيشا فيهم أبناء ملوك الروم، فلمّا فصل وابتعد قليلا عن البلد.

 

قيل لقيصر: إنّك أمددت بأبناء ملوك أرضك رجلا من العرب، وهم أهل غدر، فإذا استمكن ممَّا أراد وقهر بهم عدوّه غزاك.

فبعث إليه قيصر مع رجل من العرب كان معه يقال له الطّمّاح بحلَّةٍ منسوجة بالذهب مسمومة.

وكتب إليه: إنى قد بعثت إليك بحلَّتى التى كنت ألبسها يوم الزينة، ليعرف فضل منزلتك عندى، فإذا وصلت إليك فالبسها على اليُمن والبركة، واكتب إليَّ من كلِّ منزل بخبرك.

فلمّا وصلت إليه الحلَّة اشتدَّ سروره بها، ولبسها، فأسرع فيه السمُّ وتنفَّط جلده وتقطع وسقط عياذًا بالله.

 

والعرب تدعوه ذا القروح لذلك، ولقوله:

وَبُدّلْتُ قَرْحًا دامِيًا بَعدَ صِحّةٍ
فَيا لكِ من نُعمَى تحَوّلنَ أبْؤسا

 

وقال الفرزدق:

وهبَ القصائدَ لي النوابغُ كلهمْ
وأبو يزيدَ وذو القروحِ وجرولُ

 

ولما صار إلى مدينة بالروم تدعى أنقرة ثقل، فأقام بها حتّى مات، وقبر هناك، وقال قبل موته:

ربّ جَفْنَةٍ مُثْعَنْجِرَةٍ
وطَعْنَةٍ مُسْحَنْفِرَةٍ
وجعبة متحيّره
تدفن غدا بأنقره

 

ورأى قبرًا لامرأة من بنات ملوك الروم هلكت بأنقرة، فسأل عن صاحبه فخبَّر بخبرها، فقال:

أجارَتَنا إنَّ الخُطُوبَ تَنوبُ
وإني مُقِيمٌ ما أقامَ عَسِيبُ
أجارَتَنا إنّا غَرِيبَانِ هَهُنَا
وكُلُّ غَرِيبٍ للغَريبِ نَسيبُ
فإن تَصِلِينَا فَالقَرَابَةُ بَيْنَنَا
وإنْ تَصْرِمِينَا فالغَريبُ غريبُ
أجارَتَنا مافاتَ لَيْسَ يَؤوبُ
ومَا هُوَ آتٍ في الزَّمانِ قَرِيبُ
ولَيْسَ غريبًا مَن تَنائتْ ديارُهُ
ولكنَّ مَنْ وارى التُّرابُ غَريبُ

وعسيب: جبل في هذا المكان.

ثم علم السموأل بن عاديا بموت امْرِئِ القيس بن حجر الكندي.

وبلغ الحارث بن أبى شمر الغسّانّى، وهو الحارث الأكبر، ما خلَّف امرؤ القيس عند السموأل، فبعث إليه رجلا من أهل بيته، يقال له: "الحارث بن مالك"، وأمره أن يأخذ منه سلاح امرئ القيس وودائعه، فلمّا انتهى إلى حصن السموأل أغلقه دونه، وكان للسموأل ابنٌ خارج الحصن يتصيّد.

فأخذه الحارث، وقال للسموأل: إن أنت دفعت إليَّ السلاحَ وإلَّا قتلته.

فقال: أجِّلني، فأجَّله.

فجمع أهل بيته وشاورهم، فكلّ أشار عليه أن يدفع الدروع وأن يستنقذ ابنه.

فلما أصبح أشرف فقال: ليس إلى دفع الدروع سبيل فاصنع ما أنت صانع!

واقتل أسيرك فإني لا أدفع إليك شيئًا.

فذبح الملك ابنه وهو ينظر إليه.

وبعد موت امرئ القيس دفع السموأل ما عنده من السلاح وغيره إلى عصبته وورثته ووفَّا وأدَّى الأمانة!

وضربت العربُ المثلَ بالسموألِ فى الوفاءِ فيقولون: "أوفى من السَّموأل بن عادياء".

 

وقال السموأل في ذلك:

وفَيْتُ بأدْرُعِ الكِنْدِيِّ إني
إذا ما خَانَ أقْوَام وَفِيْتُ
وَقَالَوا: إنه كَنْزٌ رَغِيبٌ،
وَلاَ وَالله أغْدِرُ مَا مَشَيْتُ
بَنَى لِي عَادِيَا حِصْنًا حِصْينًا
وَبِئْرًا كُلَّمَا شئْتُ اسْتَقَيْتُ
طمرا تَزْلقُ العِقَبَانُ عَنْهُ
إذا مَا نَابَنِي ظُلْمٌ أبيتُ

 

وقال الأعشى في وفاء السموأل:

 

(كُنْ كالسَّموألِ إِذْ طَافَ الهُمَام بهِ
فِي جَحْفَلٍ كَزُهَاء الَّليلِ جَرَّارِ)
(بالأبْلِق الفَرْدِ من تَيماءَ مَنْزِلُهُ
حِصْنُ حَصِينُ وجارُ غَيْرُ غَدَّارِ)
(إذْ سَامَهُ خُطَّتَيْ خَسْفٍ، فَقَالَ لَهُ:
اعْرُضْ عَليَّ كَذاَ أَسْمعهُمَا، حَارِ) [اذبح أسيرك إني مانعٌ جاري]
(فقال: ثُكْلٌ وغَدْرٌ أنتَ بينهما
فاختر وما فيهما حظٌّ لمُختارِ)
(فقَال: لَا أشْتَري مَالاً بمَكْرُمَةٍ
فاخْتَار مَكْرُمَةَ الدُّنْيَا على العَارِ)
فشك غير طويل ثم قال له:
اقتل أسيرك إني مانع جاري
(والصَّبْرُ مِنْهُ - قَدِيمًا - شيمةٌ خُلُقٌ
وزَنْدُهُ فِي الوَفَاءِ الثَّاقِبُ الوَارِي)

 

وأرجو أخي الحبيب أن تتذكر نصيحتي لك في مقالي الموسوم بـ: "أهمية التفكير الراقي، وكيفية قراءة القصص".

فقبل أن تبحث عن قصة غيرها لتقرأَها تأمل ما فيه هذه القصة من الدروس والفوائد والعبر.

 

ونستعينُ باللهِ سبحانه وتعالى عَلَى ذكرِ بعضِ هذِهِ الفوائدِ:

1- سر ذكر القصة.

ما شجعني على ذكر هذه القصة على ما فيها من الثناء على مخلوق يهودي لا يدين بالإسلام هو قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ﴾[1].

 

فقد أثنى الله سبحانه وتعالى على بعض أهل الكتاب بالأمانة وإن كانت فيهم قليلة لأنهم خانوا أمانة التوراة والإنجيل كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾[2].

 

وكما قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾[3].

وهذا هو الغالب عليهم من خيانة الأمانة.

فإذا كان اللهُ عز وجل قد أثنى على القلة الأمينة مع خيانة الأغلبية منهم؛ فلا جناح علينا إذًا أن نذكر وفاء رجل منهم.

 

2- التأكيد على وجوب شهادة الحق ولو في صالح كافر ضد مسلم.

إذ الشهادة بالحق واجبة وإن كانت في صالح العدو وضد أخ مسلم ظلم ذلك العدو الكافر؛ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ﴾[4].

وكما قال سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾[5].

 

3- إن حكم أهل الكتاب قبل البعثة المحمدية أن من كان منهم متمسكًا بالشريعة الإلهية (التوراة والإنجيل) التي جاء بها موسى صلى الله عليه وسلم وعيسى صلى الله عليه وسلم وكان موحدًا مسلمًا لم يدع بنوة العزير صلى الله عليه وسلم أو بنوة عيسى صلى الله عليه وسلم لله سبحانه وتعالى ثم مات قبل البعثة المحمدية فهو مسلم من أهل الجنة إن شاء الله سبحانه وتعالى.

 

وأما إن كان ممن ادعى بنوة العزير صلى الله عليه وسلم لله سبحانه وتعالى أو بنوة عيسى صلى الله عليه وسلم لله عز وجل أو حرف في الشرائع المنزلة فهو كافرٌ مخلدٌ في النار عياذًا بالله سبحانه وتعالى.

 

4- الأعمالُ الصالحةُ لا تخرج الكافرَ من النَّار أبدًا عياذًا بالله سبحانه وتعالى.

ولكن الله سبحانه وتعالى قد يكافئه عليها بأمرين:

الأمرُ الأولَ: بالمكافأةٌ العاجلةٌ في الدنيا.

وذلك بكثرةِ المالِ، والولد، وقوة الصحة، وعلو المنصب، والذكر الحسن والثناء الجميل كما فعل الله سبحانه وتعالى مع السموأل.

فانظر بعد كم سنةٍ يأتي الثناءُ على السموأل، ومدحِه بلسان الموحدين المسلمين!

كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾[6].

 

الأمر الثاني: بالتخفيف من عذاب الله سبحانه وتعالى في النار مع الخلود فيها.

كما في الحديث عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؛ أَنَّهُ قَالَ: ((يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ؟

فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ يَحُوطُكَ، وَيَغْضَبُ لَكَ!

قَالَ: نَعَمْ... هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ، لَوْلا ذَلِكَ لَكَانَ هُوَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ))[7].

وكما في الحديث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه: ((أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ.

فَقَالَ: «لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ»))[8].

والضَّحْضاحُ: الماء يصل إلى الكَعْبَيْن، أو إلى أنصاف السُّوقِ.

 

فقد كان عَمُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم نصيرًا للحق، محاربًا للظلم، مكافحًا لأجل الدعوة النبوية، ولكنه مع ذلك كله لم يكن مسلمًا!

فأبى الله سبحانه وتعالى أن يدخله الجنة لإبائه الإسلام!

كما أَبَى اللهُ عز وجل أن يضيِّعَ كفاحَهُ في نصرةِ الحق هباءً منثورًا.

فجعل له في العذاب منزلةً دون منزلةِ هؤلاءِ الذين رفضوا الإسلام وجمعوا مع رفضهم له الظلم والطغيان ومحاربة الحق وتعذيب أهله وقتلهم!

 

5- خطورة قيمة الوفاء، والأمانة في الإسلام.

ويظهر ذلك من خلال ثناء الله سبحانه وتعالى على قوم سبوه سبحانه وتعالى وشتموه عز وجل نبرأ إلى الله مولانا وسيدنا وربنا وولي نعمتنا ومليكنا وحده لا شريك له مما ادَّعَاه الأفَّاكُون على ذاته المقدسة، ومع ذلك فقد أثنى الله سبحانه وتعالى على الأمناء منهم تعظيمًا للأمانة، وتبيينًا لخطر الوفاء.

 

6- خطورة أهمية المعدن.

الكثيرون هم من يسعون لامتلاك المشغولات الذهبية، ولكن القليلين منهم من يمتلكون "النفوس الذهبية".

كما جاء خبرهم في الْحَدِيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ قَالَ: ((قِيلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟

قَالَ: أَكْرَمُهُمْ أَتْقَاهُمْ.

قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ.

قَالَ: فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ.

قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ.

قَالَ: فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي؟

قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ: فَخِيَارُكُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقُهُوا))[9].

 

فقد ترى من المروءة والشجاعة والرحمة والكرم والمجدة والوفاء والصدق والأمانة، وغير ذلك من الصفات الحميدة في بعض الكفار ما يفتقر إليه بعض المسلمين!

فإن سألت عن سر هذا التناقض كانت الإجابة (سر المعدن) الذي منه الإنسان، هل هو نفيس المعدن أم رخيص؟

ونفيس المعدن عندما يكرمه الله سبحانه وتعالى بالإسلام ترى منه عجائب أخلاقية لا تقدر بثمن!

وفي المقابل فإن رخيص المعدن للأسف يحن غالبًا إلى خبث أصله!

ومن ذلك قصةُ الجرو الصغير الذي كان أن يهلك من البرد فعطف عليه رجل مسكين فضمه إلى غنمه فلمَّا كبر أكل الغنم، ولم ينفع معه الإحسان لغلبة خبث المعدن ودناءته!

وبعد... فما هذه إلا بعض الدروس المستفادة من القصة، وأترك باقي الدروس لعقلية القارئ الكريم!

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ، وَأَتُوبُ إِلَيكَ.



[1] [آل عمران: 75].

[2] [آل عمران: 78].

[3] [آل عمران: 75].

[4] [النساء: 135].

[5] [المائدة: 8].

[6] [هود: 15، 16].

[7] [صحيح] رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (1789)، وَالْبُخَارِيُّ (3883)، وَمُسْلِمٌ (209).

[8] [صَحِيحٌ] رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (11058)، وَالْبُخَارِيُّ (3885)، وَمُسْلِمٌ (210).

[9] [صحيح] رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (3374).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • امرؤ القيس بن حجر ومعلقته (1-2)
  • الجملة الفعلية البسيطة ذات الفعل اللازم من خلال معلقة امرئ القيس

مختارات من الشبكة

  • الوفاء للشيوخ والعلماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوفاء بالعهود ومجالاته (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوفاء.. لأهل الوفاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الوفاء الوفاء (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوفاء الوفاء (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وفاء لا مثيل له!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيع الوفاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوفاء وحفظ الجميل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قيمة الوفاء(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب